فصل: فصل: مبنى الإسلام على توحيد الله عز وجل قال الله تعالى

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **


فصل‏:‏ مبنى الإسلام على توحيد الله عز وجل قال الله تعالى

‏:‏‏{‏قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون‏}‏ ‏[‏الأنبياء‏:‏ 108‏]‏‏.‏ ولابد في التوحيد من الجمع بين النفي والإثبات، لأن النفي وحده تعطيل، والإثبات وحده لا يمنع المشاركة فلا توحيد إلا بنفي وإثبات‏.‏

وقد قسمه العلماء بالتتبع والاستقراء إلى ثلاثة أقسام‏:‏

القسم الأول‏:‏ توحيد الربوبية‏.‏

القسم الثاني‏:‏ توحيد الألوهية‏.‏

القسم الثالث‏:‏ توحيد الأسماء والصفات‏.‏

وقد جمع الله هذه الأقسام في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏رب السموات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميًا‏}‏ ‏[‏مريم‏:‏ 65‏]‏‏.‏

فأما توحيد الربوبية‏:‏ فهو إفراد الله تعالى‏:‏ بالخلق، والملك، والتدبير‏.‏ ومن أدلته قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 54‏]‏‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏ولله ملك السموات والأرض‏}‏ ‏[‏النور‏:‏ 42‏]‏‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير ‏.‏ ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له‏}‏ ‏[‏سبأ‏:‏ 23‏]‏‏.‏

وهذا قد أقر به المشركون الذين بعث فيهم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله‏}‏ ‏[‏الزخرف‏:‏ 87‏]‏‏.‏ ‏{‏ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله‏}‏ ‏[‏لقمان‏:‏ 25‏]‏‏.‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏قل من يرزقكم من السماء والأرض أم من يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله‏}‏ ‏[‏يونس‏:‏ 31‏]‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون سيقولون لله‏}‏ ‏[‏المؤمنون‏:‏ 84‏]‏، إلى قوله‏:‏ ‏{‏بل أتيناهم بالحق وإنهم لكاذبون‏}‏ ‏[‏المؤمنون‏:‏ 84‏]‏‏.‏

ولم يكن أحد من هؤلاء المشركين ولا غيرهم ممن يقر بالخالق يعتقد أن أحدًا من الخلق شارك الله تعالى‏:‏ في خلق السموات والأرض، أو غيرهما، ولا أن للعالم صانعين متكافئين في الصفات والأفعال، ولم ينقل أرباب المقالات الذين جمعوا ما قيل في الملل والنحل، والآراء والديانات عن أحد من الناس أنه قال بذلك‏.‏

وغاية ما نقلوا قول الثنوية القائلين بالأصلين‏:‏ النور، والظلمة، وأن النور خلق الخير، والظلمة خلقت الشر، لكنهم لا يقولون بتساويهما وتكافئهما فالنور مضيء موافق للفطرة، بخلاف الظلمة‏.‏

والنور قديم، ولهم في الظلمة قولان‏:‏

أحدهما‏:‏ أنها محدثة مخلوقة للنور، فيكون النور أكمل منها‏.‏

الثاني‏:‏ أنها قديمة لكنها لا تخلق إلا الشر‏.‏

فصارت الظلمة ناقصة عن النور في مفعولاتها، كما أنها ناقصة عنه في وجودها وصفاتها‏.‏ وأما قول فرعون لقومه حين جمعهم فنادى‏:‏ ‏{‏أنا ربكم الأعلى‏}‏ ‏[‏النازعات‏:‏ 24‏]‏‏.‏

وقوله‏:‏ ‏{‏يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري‏}‏ ‏[‏القصص‏:‏ 38‏]‏‏.‏ فمكابرة لم يصدر عن عقيدة، بل كان يعتقد في قرارة نفسه أن الله هو رب السموات والأرض ولهذا لم يكذب موسى حين قال له‏:‏ ‏{‏لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السموات والأرض بصائر وإني لأظنك يا فرعون مثبورًا‏}‏ ‏[‏الإسراء‏:‏ 102‏]‏‏.‏ واقرأ قوله تعالى‏:‏ عن فرعون وقومه‏:‏ ‏{‏وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلمًا وعلوًّا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين‏}‏ ‏[‏النمل‏:‏14‏]‏‏.‏

وأما قول من قال من الناس ‏:‏ إن بعض الحوادث مخلوقة لغير الله كالقدرية الذين يقولون ‏:‏ إن العباد خلقوا أفعالهم، فإنهم يقرون بأن العباد مخلوقون والله تعالى‏:‏ هو خالقهم وخالق قدرتهم‏.‏

وكذلك أهل الفلسفة، والطبع، والنجوم الذين يجعلون بعض المخلوقات مبدعة لبعض الأمور يعتقدون أن هذه الفاعلات مخلوقة حادثة‏.‏

وبهذا يتقرر أنه لم يكن أحد من الناس يدعي أن للعالم صانعين متكافئين‏.‏